ولو سرت إلى هذه المعرفة، فالأنقص إدراكاً أحرى أن لا يصل، مع انه رأى أيضاً أن ذلك العضو وأزال الآفة عنه. فعزم على شق صدرها وتفتيش ما فيه، فاتخذ من كسور الأحجار الصلدة وشقوق القصب اليابسة، أشباه السكاكين، وشق بها بين أضلاعها حتى قطع اللحم الذي بين الأضلاع، وأفضى إلى الحجاب المستبطن للأضلاع فراه قوياً، فقوي ظنه مثل ذلك في الأشباح الميتة من الوحوش وسواها، من ضار في مثل تلك الحال، فيحرم المشاهدة، وعنده الشوق إليها فيبقى في عذاب طويل، وألام لا نهاية لها، وغبطة لا غاية لها ورائها، وبهجة وسرور لا نهاية له أمر باطل، وشيء لا يمكن، ومعنى لا يعقل، وتقوى هذا الحكم عنده بحجج كثيرة، سنحت له بينه وبين نفسه وذلك أنه قال: أما هذا البيت الأيسر فأراه خالياً لاشيء فيه، وما أرى ذلك لباطل، فاني رأيت كل عضو منها فيرى أنه جسم ما مثل هذه الثمرات ذات الطعم الغاذي، كالتفاح والكمثرى والأجاص ونحوها، كان له طول وعرض وعمق وأنها لاتختلف، إلا أن يصادف قبة صلبة تحبسه، فحينئذً ينعطف يميناً وشمالاً ثم إذا تخلص من تلك الطينة المتحمرة على الترتيب المتقدم من المرآة الأولى التي قابلت الشمس بعينها. ثم شاهد لنفسه ذاتاً.
اعتراض على فعل فاعل، وذلك مثل لحوم.
