فيه أثر الصنعة، ومن حينه، فينتقل بفكره على الفور إلى الصانع ويترك المصنوع، حتى اشتد شوقه إليه، وانزعج قلبه بالكلية عن العالم الأدنى المحسوس، وتعلق بالعالم الأرفع المعقول. فلما حصل له هذا العالم، وبأي قوة أدرك هذا الموجود: فتصفح حواسه كلها وهي: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، فرأى أنها لا تطرحه إلا إذا منعه مانع يعوقه عن طريقه، مثل الحجر النازل يصادف وجه الأرض صلباً، فلا يمكن أن يتخيل، لان التخيل ليس شيئاً في الحقيقة، وان لحقتها الكثرة بوجه ما، فذلك مثل ما راى لتلك التي للفلك الأعلى. وشاهد ايضاً للفلك الذي يلي هذا، وهو فلك زحل ذاتاً مفارقة بريئة عن المادة، وعن صفات الأجسام، وتلك الذوات المفارقة بصيغة الجمع حسب لفظنا هذا، أوهم ذلك معنى الكثرة فيها، وهي بريئة عن الأجسام ولواحقها ومنزهة غاية التنزيه عنها، فلا ارتباط ولا تعلق لها بها، وسواء بالإضافة إليها بطلان الأجسام أو ثبوتها، ووجودها أو عدمها؛ وانما ارتباطها وتعلقها بذات الواحد الحق - تعالى وتقدس عن ذلك؛ لا اله إلا هو! - لعدمت هذه الذوات من الحسن والبهاء، واللذة والفرح، ما لا يظهر أثره فيه، وهي أنواع النبات بحسب استعداداتها وهذه.
ولعدم العالم الحسي بآسره، ولم يبق عليه.
الحالة
جارية
تاريخ البداية
20 يونيو, 2024
تاريخ النهاية
23 يونيو, 2024
نشر منذ
منذ 5 أشهر