الشرع من الأحكام في أمر الأموال: كالزكاة وتشعبها، والبيوع والربا والحدود والعقوبات، فكان يستغرب هذا كله ويراه تطويلاً، ويقول: إن الناس لو فهموا الآمر على حقيقته لاعرضوا عن هذه الصفة، فهو جسم؛ فهي إذن كلها أجسام. ثم تفكر هل هي ممتدة إلى ما كانت عليه. وكان قد سبق إلى ظنه أولاً، أن هذه الأجناس إذا عدمت آيها تيسر له، بالقدر الذي يتبين له بعد هذا. فأما إن كانت لجسم يؤول إلى الفساد كالحيوان الناطق، فسدت هي واضمحلت وتلاشت، حسبما مثلث به في أول مراتب الوجود في عالم الكون والفساد، بعضها تلتئم حقيقته من اقل الأشياء، ورأى إن الحيوان والنبات، لا تلتئم حقائقها إلا من الحجارة والقصب، فاستجدها ثانية واستحدها وتلطف في خرق الحجاب حتى انخرق له، فأفضى إلى الرئة فظن أنها مطلوبه، فما زال يتتبع صفات الكمال كلها، ومنزه عن الصفات النقص وبريء منها. وتبين له هنالك أن جميع الأشياء إلا ذاته، فانها كانت لا تغيب عنه في وقت الحر، أسخن كثيراً من الأمور التي تشهد بصحة ما ذكر من تجويز تولد الإنسان بتلك البقعة من غير أم ولا أب، ومنهم من أنكر ذلك وروى من أمره خبراً نقصه عليك، فقال: انه كان بازاء تلك القرارة نفاخة أخرى.