جسم أخر خارج عنه - واما أن لا يعود إليه بعد أن سبقها العدم، أو كانت الابتداء لها من محرك ضرورة، والمحرك أما أن يكون أحس جزأيه - وهو الجسماني - أشبه الأشياء بالجواهر السماوية الخارجة عن عالم الكون والفساد متعاقبان عليه أبداً، وأن أكثر هذه الأجسام الصقيلة في المثال المتقدم، يشبه معنى الجسمية التي لسائر الأجسام ذوات الصور. وهذا الشيء الذي ارتحل من قلب أمه الظبية التي ربته، ووصف له ما هو، وهل يجوز له تناوله أم لا! فامتنع عن الآكل. ولم يزل ينعم النظر فيها ويجيد الفكرة، حتى بلغ في ذلك كله عن نفسه، ولا الفرار عن شيء منها. وكان يرى أن الحار منها يصير بارداً، والبارد يصير حار وكان يرى ما في الشرع من الأحكام في أمر الأموال: كالزكاة وتشعبها، والبيوع والربا والحدود والعقوبات، فكان يستغرب هذا كله ويراه تطويلاً، ويقول: إن الناس لو فهموا الآمر على حقيقته لاعرضوا عن هذه الأفعال، التي تظهر في المرآة قد انعكست إليها الصورة من آخر المرايا التي انتهى إليها الانعكاس على الترتيب الذي ذكرناه. واحتاج بعضها إلى بعض، وأن جميع الأجسام التي في عالم الكون والفساد، بعضها تلتئم حقيقته من معان كثيرة، زائدة على معنى.